السبت، 19 نوفمبر 2016

تُصُدِّق على سارق

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
قال رجل : لأتصدقنّ بصدقة،
فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق،
فأصبحوا يتحدثون : تُصُدِّق على سارق،

فقال : اللهم لك الحمد !، لأتصدقنّ بصدقة،
فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية،
فأصبحوا يتحدثون : تُصُدِّق الليلة على زانية،
فقال : اللهم لك الحمد على زانية !، لأتصدقنّ بصدقة،
فخرج بصدقته فوضعها في يدي غني،
فأصبحوا يتحدثون : تُصُدِّق على غني،
فقال : اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني !،
فأُتي فقيل له : أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية، فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني، فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله )
متفق عليه .
معاني المفردات
يستعف عن سرقته: يمتنع عن سرقة الناس.

تفاصيل القصّة
النيّة والصدقة، كلمتان تربطهما علاقةٌ وطيدة، وصلةٌ أكيدة، تجعل من الأولى ( النيّة ) سبباً في قبول الثانية ( الصدقة ) عند الله تعالى، حتى لو لم تقع في مكانها الصحيح .

ومسألة الخوف من عدم وصول المال إلى مستحقّيه كانت ولا تزال قضيّة تؤرّق الكثيرين من المحسنين وأصحاب الأيادي البيضاء، وتشكّل هاجساً لديهم، إلا أن الحديث الذي بين يدينا جاء مطمئناً ومبشّراً، أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عمله وأخلص نيّته، ومؤكّداً في الوقت ذاته أن المقصود الأعظم هو البذل والإنفاق بقطع النظر عن وصول الصدقة إلى أهلها .
وقد اشتمل الحديث الشريف على قصّة تدور أحداثها في غابر الزمان، وبطلها رجلٌ من الصالحين، حرص على معاني الجود والعطاء بعيداً عن أعين الناس وكلامهم، وزهد في مدحهم وثنائهم، وقصد بنفقاته وإحسانه رضا الخالق وحده .
وفي ليلةٍ من الليالي، كان يحضّر نفسه للمشاركة في مضمار من مضامير الخير، فقد عزم على أن يتصدّق بصدقة لا يعلم عنها إلا علاّم الغيوب، فخرج مستتراً بظلام الليل، وعلى حين غفلةٍ من الناس، يبحث عن محتاج أعوزه الفقر إلى المال، ومنعه الحياء من السؤال، فوجد في طريقه فقيراً تبدو على محيّاه معاني البؤس، وفي هيئته دلائل الحاجة، فسارع إلى دفع المال إليه ثم استدار مبتعداً عنه، حفاظاً على مشاعره وأحاسيسه .
وأصبح الرّجل الصالح راضياً بما قام به في الليلة السابقة، يرى بعين الخيال فرحة الفقير بالمال وهو بين أهله، وبينما هو غارقٌ في أفكاره إذا بالأخبار تصله أن رجلاً قد تصدّق على سارقٍ البارحة، فعلم أنه المقصود بذلك، فراودته مشاعر مختلطة من خيبة الأمل والحسرة على عدم تحقّق مراده وضياع صدقته، إلا أنّه حمد الله على كلّ حالٍ فقال : ( اللهم لك الحمد على سارق ) .
وعندما جاء الليل قرّر أن يصحّح خطأه، ويضع الصدقة في موضعها، فخرج من بيته، واجتهد في البحث عن محتاج، فأبصر امرأة تقف في قارعة الطريق، وتوسّم فيها الحاجة، فدفع إليها صُرّة المال ثم انصرف .
وجاء اليوم التالي يحمل الخبر الذي أزعجه، فقد وقعت صدقته في يد امرأةٍ من بائعات للهوى وباذلات الشرف، فازداد الرجل غمّاً بغمّ، وقال والألم يعصر فؤاده : "الحمد لله على زانية ".
وللمرّة الثالثة، يتكرّر المشهد، ويتصدّق الرجل ولكن هذه المرّة على غني، ليصبح والناس يتندّرون بفعله، عندها سلّم الرجل أمره لله، ورضي بقضائه وقدره، وحمَد من لا يُحمد على مكروهٍ سواه .
ولعل الرجل لم يرَ أعماله إلا في صورة الهباء الذي تذروه الرياح، ولكن رحمة الله واسعة وفضله أكبر، فجاءته الرؤيا تحيّي موقفه وتشيد بإخلاصه، وتبشّره بقبول صدقاته الثلاثة، رؤيا لا تقف عند الأبعاد المألوفة لمواقف الحياة وسننها، ولكنها تكشف عن البُعد المخبوء للحكمة الإلهيّة : ( أما صدقتك على سارق، فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية، فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني، فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله ) .


•°*”˜˜”*°•. ❤ ♪
❤ღ •°*”˜˜”*°•. ❤ღ   ❤ღ ♪
 ❤ღ ♪  ❤ღ  ♪ ❤ღ

♪ ❤ღ📖  ===> اضغط متابعة 👈 like وتابع منشوراتي


https://mlkaly.blogspot.com


.♪ ❤ღ
 ليصلك كل شئ ✌

0 التعليقات

إرسال تعليق